الأربعاء، 22 مايو 2024

بين رحى الفراسة والتقدير..




لكل إنسان رصيده من الخبرات التي راكمتها السنين يتفرس بها في المواقف ويتنبأ بها كل غامض.. 


وهذا جيد إذ ينجي الإنسان من الكثير من المآزق والكبوات ويجنبه الكثير من الطعنات.. 


لكنه يخلع دروع فراسته في المآمن ويقدم تقدير الواقع وفق لمعطياته الظاهرة وحسن ظنه.. 


يسر كثيرا ذلك المحارب حين تصيب سهام تقديره التي لم تحوجه لتفرسه الحذر.. 


فهذا يحميه حمل مظالم لا قبل له بها في الدنيا والآخرة


ويشعر بالعدالة أيضا حين يكون قدم حذره وصدقت فراسته..



لكنه في بعض المواقف يقع رهينة بين تقديره المحسن للظن المؤمن على الاستثناء لكل حذر وفراسته التي لا استثناء فيها.. 


ينتصر أحيانا لتقديره على فراسته رابطا عشر حجار على مراهنته.. 


فإما أن يعود منها منتصرا لحسن ظنه محفوفا بالسرور..


أويندم ندامة الكسعي حين يعود محملا بلعنات العيون والأفواه متهما بسوء تقديره وربما غبائه.. 


يقف على قارعة الطريق بين كليهما يدافع هذا ويلوم ذاك.. 


اختار أن يظلم نفسه على أن يسيء الظن ويظلم غيره..


اختار أن يبسط من أمانه للآخرين آملا أن يكون في آخر النفق ضوء.. 


صوت نياديه من خلف أحجاره العشرة على مرارة جوفه ودمعته المتحجرة:


إياك أن تنهزم .. 


لا بأس خاب تقديرك هذه المرة وربما يصيب لاحقا.. 


أنين يتصاعد: بم استحققت هذه الإساءة وسوء الظن وتلك الخيبة؟


لا بأس عليك فالله يعلم ما نخفي وما نعلن.. وسيجزيك خيرا ..


وحمل سوء الظن الذي حملته بجريرة الإحسان؟


سيزول ذلك الوجع ويعقب بعد شدتها رخاء.. 


لكن إياك أن تفقد حسن ظنك ومشكاة الفطرة النقية في قلبك..


خلف دروع الحذر الدائمة تذبل زهرات الأمل وتفقد سحرها.. 


فلا تتدرع إلا عندما يكون لديك ألف سبب للحذر.. 


الخطأ في التبرئة خير من الخطأ في العقوبة .. 


مظالم العباد عقبة كؤود تقصم الظهر وهي أعتى من مرارة الخيبات.. 


#فاطمة_بنت_الرفاعي


 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق