كم أحن لتلك البساطة التي كانت تضفي سحرها على دنياي !!
أفقت من حنين ذكرياتي حين سقط وشاحي عن كتفي وداعبت أذني أنغام الصغار الجميلة ..
هناك في آخر الحارة صوت أطفال صغار يلعبون الكرة بين الثلج كأنهم في حلم يطل من عميق ذاكرتي..
انتباتني حماسة لمتابعتهم لكنهم كانوا بعيدين عن نافذتي ..
أحكمت لف وشاحي وخرجت أركض باتجاه الصوت
كانت ضحكاتهم ولعبهم وبراءتهم أجمل من أن توصف !!
وضعت يدي على وجنتي وقد كنتا دافئتين من فرط سعادتي
اقتربت منهم رويدا رويدا فرحبوا بي بينهم فخلعت حذائي
وقفزت نحوهم ألعب الكرة وأحرز الأهداف دون خوف على وشاحي المخملي من الغبار أو ثوبي الرصع بالأحجار ؛
فحياة الصغار أبسط من تعاقيد الحياة المرهقة ..
كنت سعيدة جدا وتعالت ضحكاتي وجلست على الأرض وأنا ألهث من كثرة الجري وراء الكرة ..
تقاذفني الصغار بكرات الثلج وهم يستحثوني على إكمال اللعب ..
مر بائع الآيس كريم بصفارته الرنانة المحببة لنفسي فركضنا جميعا إليه واشترينا وأكلنا ونحن نركل الكرة ..
والعجيب أن جبيني كان يفصد عرقا رغم برودة الأرض والثلج والهواء والمثلجات ..
كنت أشعر أن أنفي يزفر دخانا دافئا ووجنتي على حد وصف الصغار حمراوتان ..
تابعنا اللعب حتى نفدت طاقتنا الحيوية وشعرنا بالجوع؛
بحثت عن حذائي بين أكوام الثلج ووجدت وشاحي المخملي الأحمر بين ندف الثلج أيضا حملتهما بيد واحدة
عانقني الصغار بأياديهم الصغيرة وقلوبهم الطاهرة الصادقة الخالية من كل زيف أو تكلف.
مازلت أشعر بدفء نظراتهم وقبلاتهم وصدق كلماتهم البريئة ..
ذهب كل منهم باتجاه بيته وهم يلتفتون ليرسلون التحايا لبعضهم ..
سرت أنا أيضا تجاه بيتي في آخر الحارة وأن أركض فرحة كالصغار..
ما أجمل حرية البراءة وبساطة الفطرة !!
تلك المعاني التي تضفي على الحياة بريقا أخاذا وتجلب للنفس أنسا وأملا..
حرية الروح وسلامة القلب وإطلاق النفس من كل قيد هي ما تجلب السعادة والبشر ..
وصلت للبيت وشممت رائحة الخبز الساخن تنبعث من المطبخ ؛ ركضت إلى هناك كما كنت صغيرة ..
واستعدت شقاوتنا ونحن صغار في بيت العائلة الكبير حين كان المطبخ الصغير وأحلامنا أكبر من أن تحدها مساحات ..
كنا نتقاسم لقيمات الرغيف الواحد في استراحة عاجلة بين مباريات الكرة ومارثون الحقول
حيث تعلمنا الدين والقيم والأخلاق من أفواه البسطاء وبسمات الأحباب ومعاملة الغريب قبل القريب ..
ليت الزمان يعود يوما .. فنوسعه لعبا وحلما وفرحا
شقاوة قلم : #فاطمة_بنت_الرفاعي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق