عند تركيز النظرة المتأملة في زاوية من زوايا الحضارة العربية وهي اللغة قاموس الحضارة ودستور التاريخ..
ترنو الذاكرة لفترة تليدة من التصنيف الحضاري في القرون الأولى حيث كونت التراث من العدم وجمعت الشتات بين دفتين..
وعقب عصور الانحطاط الحضاري أيضا شهدت الأمة مجدا حضاريا علما ولغة فكأنما بعثت الحضارة من أجداثها حية..
ومن منارات تلك الحقبة مجمعي اللغة العربية في دمشق والقاهرة ..
اللذان ظلا ينفضا الغبار عن التراث حتى دبت الحياة في أركانه من جديد، بجهود متواضعة وهمم كالجبال وإمكانات أعيت همة المجتهد، وجهد بشري مطلق..
والكثير من المجلات والمطبوعات الثقافية التي كانت كوزارة الإعلام لهذه الجهود تستخدمها وتتداولها حتى تصل للعامة البسطاء..
اليوم مع الانفجار العلمي والثورة التقنية والوفرة المعلوماتية، لم يعد التحدي في الجمع ولا التصنيف بل في فقه الانتقاء..
اليوم كثرت المجامع والمؤسسات والمعاجم المحوسبة والكثير من المنصات والبرامج والتطبيقات..
ولكن الرصيد اللغوي الذي يضمن حياة العربية وترميم شقوقها لتدرك ركب التطور دون فقد لياقتها محزن..
لعل السبب في غياب وحدة الهدف وتقاطع الرؤى وفردانية الجهد واستخدام السلطات للأفراد والكوادر والمؤسسات كوسائل لتبيض صفحات إجرامية ولبس ثواب الإنجازات المدنية على أنياب تقطر من دماء الشعوب ..
كنت أتمنى أن تستغل كل هذه الجهود والإمكانات والكوادر والوسائل المعينة في إحداث ثورة علمية وحضارية للعربية وعلومها تساهم بحق في نهضة الأمة وعيا وتربية وأخلاق ودين وحضارة .. بلسان عربي مبين..
لكننا على أرض الواقع وبلا مجاملة ننحط من حضيض لحضيض ومن نهوي من مستنقع لمستنقع..
فلا الإعلام رشيق اللغة شيق الأسلوب ولا أحاديث العامة تعبر عن أي مستوى حضاري مرت به هذه الأمة .. وبينهما حدث ولا حرج..
نأمل في غد أفضل تثمر فيه البذور على رؤوس الجبال وتلتلف الأفنان في أودية الأنهار.. #أسرار_المعاجم #أنثروبولوجيا_لغوية
#فاطمة_بنت_الرفاعي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق