الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

التعلق بخيوط الفجر ..

 




يواصل التعبون من طول السهر التجلد طمعا في إدراك صلاة الفجر وخوفا من أن يغلبهم النوم عنها..

وتكون تلك الدقائق أكثر اللحظات إنهاكا؛ فالجوارح في سكون والعقل مستسلم ولكنك مصر على اليقظة..

تفلح أحيانا في المواصلة وأحيانا يغلبك النوم إغماءً؛ فيسقط في يدك عند الصباح بأن تصلي قضاء ..

تتكرر هذه المعركة بين الإنسان ونفسه حين يغلبه التعب من رحلة ما ويكابد أملا في الوصول وقد يوفق وقد تنفد طاقته قبل آخر شبر من محطة الوصول؛ فيتجرع حسرة الأسف..

يستثمر الكثير منا في بعض المشاريع المالية أو العلمية أو حتى الاجتماعية ولكنه في محطة ما تشعل أضوية طاقته الصفراء المحذرة من نفاد الرصيد ولكنه يربط على جأشه جسارة ويجد في السير طمعا في النجاح أو الوصول ولو على حساب أوصاله المتساقطة..

على منصة الجمهور يتعجب المتفرجون من أبيض الرأس المصر على الفوز في مرثون الحياة .. أيا كان ميدانه..

يتعجبون من تفاؤله ربما أو من نشاطه أو من عزمه وبذله..

لا أحد يعلم أن هذا المتفاني يوشك على الانهيار وأن العزم والجد هما آخر رشفة في كأس عطائه..

ليس عيبا أن يتفانى المنهك ويطمع في الوصول والنجاح بل ربما هي وسيلته للبقاء على قيد الحياة واستمرار ظله على الأرض..

الحق أن هذه النماذج بقدر ما تكون ملهمة ومثيرة للإعجاب؛ فهي جديرة بالرحمة والإشفاق..

حري بمن حولهم أن يعينوهم على ما تجشموا مؤونته ويتلقونهم بالعناية في محطات الوصول فهم أحوج إليها أكثر من التبريكات..

الرحمة وترميم الجراح وبذل الأمان والتقدير أهم ما يعيد الإنسان للحياة ويعيد له طاقته الإنتاجية مجددا..

ما الفائدة من تحقيق الوصول والفوز ثم التهاوي بعيدا شريدا بالكاد تجر خطواتك.. ؟

ما قيمة البذل إن لم يقدر؟

ارحموا أصحاب المعارك الطويلة والرحلات المضنية ..

ترفقوا بمحاربين أفنتهم الحروب ومزق الانتظار أحلامهم..

#فاطمة_بنت_الرفاعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق