الأحد، 12 نوفمبر 2017

حرب غير معلنة ..



الاختلاف فطرة: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)

مختلفين في ألوانهم وأعراقهم وهواياتهم وانتماءتهم وملمس شعورهم وأصواتهم وأجناسهم .

مختلفين في طرقهم وأفكارهم وتفكيرهم ووعيهم وطريقة حياتهم ..

مختلفين في حبهم وكراهيتهم وتعبيراتهم عن أغراضهم وألسنتهم ولغاتهم ..

فإذا كان خالقهم واحدا فلا قدسية لجنس أو عرق أو لون أو فكر، وأيضا لا يعاب أي فصيل ولا ينبذ للونه أو موطنه أو ثقافته..

فلماذا نتصارع وعلام نتقاتل ؟

لأن كل منا يرى أن الآخر مخطئ يجب أن يصغي إليه ويمتثل نهجه ولكل منا نعراته وعصبياته وتخوفه من سلب إرادته ورعبه من حبس حريته ؛ حينها يكون الهجوم نوعا من الحماية والتترس .

حين علمونا أن القادة العظام كتبوا أسماءهم في عين الشمس بحروف من ذهب لشجاعتهم في المعارك نسوا أن يقرنوا لنا هذا بسيرهم في الرحمة والعفو والنفع والسعي بالخير والمعروف بين الناس ، ونسوا أيضا أن يعلمونا أن العظمة لين وتواضع وبسمة ومخالطة لآلام الناس وأفراحهم،  وسقط منهم كذلك أن يقرنوا لنا الكرامات والنصر والرضا الرباني بقدر الإحسان لعباد الله والتخفيف عنهم وخفض الجناح والصوت والعين والعين لهم..

لماذا نذكر شجاعة حذيفة رضي الله عنه يوم جاز الخندق وننسى رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بصحابته وهم يحفرونه وتواضعه وعونه وتبسمه لهم وهو القائد وأخذه بالشورى والموقف يستدعي الحزم ..

لدينا انقطاع في الصور والقدوات لذا الاقتداء منحرف وجائر وظالم لمن نقتدي بهم ومجحف في حق أجيال سنورثها قدوات مشوهة ..

لنتعلم ثقافة قبول الاختلاف برحمة وأمان وعدل وبر..

علينا أن نعتنق المساواة فعلا لا قولا فقط ، أن نسعى في الأرض بالعدل والنفع للشجر والحجر والطير والإنسان وهذا ليس فضلا وتكرما بل امتثالا لأمر ربنا جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَنْ تَعْدِلُوا ۚ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا)

العدل وبذل النفع والرحمة والعطاء وفسح المجال هي القوة والريادة فلا يخدم القوم إلا سيدهم ولا يرحب بالمختلفين له أو عليه إلا ملك عظيم ..

فلنحرر أنفسنا من وثاق الخوف والحرص والتخوين والتربص ..

لنفسح المجال لأنفسنا لنحيا بأمان على ما لنا وما علينا ، لنتعلم أن الخسارة هي أن تعادي إنسان لا أن يهمش رأينا ..
الغاية من خلافتنا للأرض أسمى من كل هذه السفسطات التي تقزمنا وتجعلنا نغوص في أوحال وندخل في متاهات لا نهاية لها:(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)

للشافعي قولة أثيرة عن الاختلاف يقول : " كلامي صواب يحتمل الخطأ وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب "  هذه العبارة دستور الحوار الراقي ..

أول كلمة تعلمناها في آداب طلب العلم : كل يؤخذ منه ويرد إلا صاحبة الروضة الشريفة صلى الله عليه

فلا عصمة لا أحد بعد كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
فمن نكون نحن حتى ندعي لأنفسنا العصمة والصواب المطلق  ..

رفقا بأنفسنا وبالعالمين ..

#دين_الفطرة
#تعالوا_نربي_ونتربى

بقلم : #فاطمة_بنت_الرفاعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق