الأربعاء، 17 يوليو 2013

توشيح شعري على ضفاف الخير


خيال من بكَ في جنح الدجى طافا
فزاد حسكَ بالأحداثِ إرهافا ؟

يا راحلا وشغاف القلب تتبعُهُ
أوقفتني عند باب الـحزن إيقافا

جرَّأتَ حزني فزار القلب متخذاً
في كلِّ ناحيةٍ مشتى ومصطافا

رحَّلتَ أفراح قلبي واختبأْتَ لها
في كلِّ منحدرٍ تلقاه خُـطَّافا

ما بال عينيـكَ ترعى النجم ساهرةً
وما لطرفكَ لا يستطيع إطرافا

كأنما وكلتَ بالليلِ ترصُدُهُ
عيناكَ ، بدراً وأفلاكاً وأسدافا

أو أنَّ دائرة الظلماءِ قد وَكَلَتْ
إلى الجفونِ على الظلماءِ إشراقا 

سهرتَ حتى رأكَ النوم أُمنيةً
بعيدةً صعُبتْ مـرمىً وأهدافا

مالي أراكَ تُداري ألْفَ خاطرةٍ
من الحنينِ ومن شكواكَ آلافا

أخفيتَ شوقكَ حتَّى قال قائلهُ :
أجحفتَ بالشوقِ في الأعماقِ إجحافا

ألستَ عازفَ لحن الحبِّ في زمنٍ
صار الهوى فيه بين الناس عزَّافا

أرسلْ قوافيكَ ألحاناً مكرَّمةً
تأبى هبوطاً معانيها وإسفافا

ياربَّ قافيةٍ تصغي القلوب لها
وتملأ النفس إعجاباً وإطرافا

وربَّ قافيةٍ أدَّتْ إليكَ مُنىً
وأزلفتْ منكَ من تـهواه إزلافا

دعْ عنكَ من يسلبون الصدق رونقهُ
في العالمين ومن يثنونَ أَعطافا

ودعكَ ممَّنْ يسيئونَ الظنون بلا
عدلٍ،ومن يملؤون الأرضَ إرجافا

و من يرونَ سواداً لا بياضَ له
ومن يميلونَ نحو الشرِّ أكنافا

فأمَّة الخير مثل الغيث يـمنحنا
ويمنح الأرض خِصباً كلَّمـا وافى

لا ينبُتُ اليأس في بستانِ همَّتها
وكيف ييْأس ما للجنة اشتاقا ؟

أرسلْ نشيدكَ حُبَّاً طابَ منبعُهُ
لقاصدٍ ، وجناحاً منكَ رَفْرافا

إنْ قدَّمَ الناسُ أشواكاً إليكَ فلا
تنظر إليـها وقدِّمْ أنت أفوافا

يا من يسيرُ ركبَ الصِّدقِ في زمنٍ
مازال جيش الدَّعاوى فيهِ زحَّافا

دعِ القصائدَ تفتحُ كلَّ نافذةٍ
لكي تـمجِّـدَ من أعطى ومن عافى

فضل الـمهيـمن بـحرٌ لا حدود لهُ
فيهِ اللآلئ لا يعرفنَ أصدافا

بالعدلِ يمنعُ أو يعطى العبادُ فما
قضى بجورٍ على عبدٍ ولا حافا

في كلِّ مجتمعٍ فقرٌ ومخصمةٌ
ماكُلُّ ريشٍ تراهُ العينُ هفهافا

فالأرض منذ مشينا في مناكبها
ترى من الناسِ ألواناً وأصنافا

ترى على ظهرها من يعبثون بها
والـمصلحين وأعداءً وأحلافا

قد قسَّم الله أقدار العباد فلن
ترى جميع عباد الله أشرافا

ولن ترى كلَّ ما في الأرض من شجرٍ
نخلاً ، ولا كلَّ نبت الأرض صفْصافا

يا من هدمت جداراً ، ما بناه سوى
إيقاع عصـرٍ لأخلاق الهدى جافى

هذا حبيب قلوب الـمؤمنين أتى
بالصوم ، يدلف بالخيراتِ إدْلافا

إقرأ له سور القرآن خالصةً
للهِ ، فجراً ، وأنفالاً وأعرافا

أدرْ كؤوس القوافي بالوفاءِ له
وللذينَ زكوا بالخير أوصافا

قل للذي مدَّ كفَّاً للضعيف ومنْ
رعـى يتيمـاً ومحتاجاً بهِ طافا

ومن رعى حقوق الناس ما خفيتْ
آثارُهُ ، وحبا أمْناً لمنْ خافا

أنْعشْتَ آمالَ مسكينٍ قضى زمناً
ترى المعانـاة جفناً منهُ ذرَّافا

أيقظتَ من كانَ مشْغولاً بثروتِهِ
عن الـمساكين ، تبذيراً وإسرافا

ومن تشاغل عنهم لا يحس بهم
مهما رأى سائلا منهم وطوَّافا

فَتَحتَ بوَّابةً كانت مغلَّقةً
بصمتنا ، وجعلتَ الصمتَ هتَّافا

وإنَّما تطلب الدنيا وساكنـها
ممَّنْ يلونَ أمور الناسِ إنصافا

ما فاز من سارَ في الدُّنيا على جُرُفٍ
هارٍ ، وصدَّق بالأوهامِ عرَّافا

يـاباذل المال ، قل للممسكينَ بهِ
والجامعينَ بكفِّ البُخلِ أطْرافا :

لا يحفظ المالَ حرصُ الباخلينَ بهِ
فالبخلُ يتلفُ مال الـمرءِ إتلافا

تلفَّتوا يمنةً أوْ يسرَةً لتروا
كم أسرةٍ لم تجدْ للشملِ إيلافا

هناكَ من يعرفــونَ الصبر ألْويةً
بِيْضاً ، فما يسألونَ الناسَ إلْحافا

يظنهم من يراهم أغنياءَ وقدْ
طووا عن الناسِ ما يشكونَ إعفافا

يا باذلَ المالِ للإحسانِ نلتَ بهِ
من مالكِ الملكِ إحساناً وإخلافا

أبشر بضِعفِ الذي قدَّمتهُ وأضفْ
إليهِ من خالقِ الأكوانِ أضعافا

منْ مدَّ كفَّاً إلى المحتاجِ مُسْعفةً
رأى مـن الله يـومَ الدينِ إسعافا

عبدالرحمن العشماوي‬
١٤٢٣/٩/٢٥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق